بسم الله الرحمن الرحيم
بدون مبالغة, بدأت في الفترة الأخيرة عملية تسمى (التفكير).
وبدأت أفكر في شي بديهي جداً, وهو (نحن).
وأقصد بـ(نحن) أفكارنا, معتقداتنا, هواياتنا, ميولنا, ذوقنا, وكل ما يكوننا روحياً ونفسياً.
ولم أكتب الموضوع بشكل مخصص عن أحد التراكيب, إن صح التعبير, التي تكوننا.
وإنما كتبته بشكل عام, ما يكوننا بشكل عام من دون التركيز على احد التراكيب.
وإن شاء الله يكون موضوع قابل للتفكر والنقاش بشكل راقي.
أرى أن كل إنسان على وجه الأرض يتكون من بيئته بشكل بحتي دون تدخله في تكوين نفسه.
أنت عربي, فيحتم ذلك أن تكون أفعالك عربية, عاداتك اليوميه محاكية لما يفعله أغلب العرب.
أما لو كنت غربي, لكان لباسك غربي, وديانتك تتطابق لديانة الغرب, وأكلك وما ألى ذلك.
وقس على ذلك ما شأت ومتى شأت وعلى من تشاء (وأنصح بأن تبدأ بنفسك).
أبن الطبيب ماذا يكون في أغلب الأحيان؟
ما هي ديانه إبن العالِم المسلم؟
ما الفريق المفضل لمن وُلِد وتربى في مدينة بارشلونه؟
ما نوع القهوه الصباحيه الذي يشربها الرجل الفرنسي؟
إذا كانت الإجابات واضحة لك, فهذا يعني أنك تؤيدني (أو على الأقل تفهم ما أقصد).
أعلم أن هذا (التفكير) يبدو بسيط, لكن إذا اقتنعت به وتجده فعلاً بسيطاً فلما تتعامل مع من يتعارض معك بأنه "أبله" وأنه لا يرى ما تراه أنت يا (حاذق البصر)!
وهذه امثلة حية الأن:
1) موضوع سوريا:
أذا كنت من سكان الخليج (او أي دولة تعارض النظام السوري) فأنت بلا شك تؤمن بأن بشار طاغية وأنه هو الذي يقتل, لكن ان كنت من سكان إيران (وصدقني فيما أقول) وكنت تتابع القنوات الإيرانية (كما أنك تتابع القنوات الخليجية في المثال الأول وتعتقد أنهم صادقين, فالإيرانين يتابعون قنواتهم ويعتقدون بأنهم صادقين) لكنت مؤيد لنظام بشار.
والدليل على كلامي هو دليل إحصائي, أغلب الخليجين (إن لم يكونو كلهم) هم معارضون لبشار, وأغلب الإيرانين (إن لم يكونو كلهم) مؤيدون له.
هل التأييد لبشار او معارضتنا له كان من شي نابع منا؟ أم كان محاكاة لمن هم حولنا؟
(هذا مجرد مثال لتوضيح فكره الموضوع وأتمنى النقاش يكون على فكرة الموضوع وليس على جوهرة موضوع سوريا بأنهم على حق أو لا)
2) موضوع قيادة المرأة في السعودية:
ايضاً, لو كنت من عائلة ترفض قيادة المرأة وكنت تسمع مِن مَن تثق بهم (أبوك, أمك, ومن هم أكبر منك), لكنت على الأرجح توافقهم الرأي, والعكس صحيح
إذا كنت تؤافقني, فأنت لم تكون رأيك في موضوع القيادة, بل حاكيت بيئتك!
(ايضاً, اتمنى البعد عن موضوع القيادة نفسها والنقاش في فكره الموضوع)
وغيرهما مئات ومئات الأمثلة التي توضح أننا لم نتكون الا من بيئتنا (الا القليل منا).
فالبوذي بوذي فقط لانه ولِدَ في دولة بوذية, والمعارض معارض فقط لانه من دولة معارضة, والمتشدد متشدد فقط لانه من عائلة متشددة, وهكذا..
في انتظار الأبداع والفلسفة منكم.